في خطوة استراتيجية تهز النظام المالي العالمي، تعمل الصين بجدية على توسيع استخدام اليوان الرقمي في المعاملات العابرة للحدود، رافعة بذلك سقف طموحاتها في إعادة تشكيل مستقبل الاقتصاد العالمي.

ومن خلال مشروع رائد يعرف باسم mBridge، دخلت الصين في شراكة مع هونغ كونغ، تايلاند، والإمارات العربية المتحدة لتجربة واعتماد تقنيات الدفع عبر اليوان الرقمي في التعاملات الدولية. وقد أثمر هذا التعاون عن تنفيذ 164 صفقة تجارية عبر الحدود، بلغ مجموع قيمتها 22 مليون دولار أمريكي — بدون الحاجة لأي تدخل من الدولار!

ما هو مشروع mBridge؟

مشروع mBridge هو منصة تجريبية متعددة الأطراف تهدف إلى استخدام العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs) في تسوية المدفوعات عبر الحدود بشكل أسرع، أرخص، وأكثر أمانًا.
وتمثل هذه المنصة أحد أبرز الابتكارات في عالم المال الرقمي، حيث تختبر فكرة كسر هيمنة الأنظمة التقليدية — خصوصًا نظام سويفت SWIFT — واستبدالها بشبكات دفع أكثر مرونة تستند إلى العملات الرقمية السيادية.

إقرأ أيضا: الاستثمار في العملات الرقمية Crypto: الفرص والتحديات

لماذا هذا التطور مهم؟

ببساطة، لأنه يهدد هيمنة الدولار على التجارة العالمية. منذ عقود، كانت معظم المعاملات الدولية تسوّى بالدولار الأمريكي. لكن الصين ترى في اليوان الرقمي أداة لتحرير الاقتصاد العالمي من تلك السيطرة، وتسهيل المعاملات التجارية مع شركائها بطريقة أكثر استقلالية وشفافية.

ما الدول المشاركة ولماذا الإمارات في الصورة؟

هونغ كونغ وتايلاند انضمتا للمشروع نظرًا لعلاقتهما الاقتصادية الوثيقة بالصين، وسعيهما لتحديث أنظمة الدفع الدولية. أما الإمارات، فهي تلعب دورًا محوريًا في المنطقة كـ”مركز مالي متقدم” يسعى لقيادة التحول الرقمي في عالم المال، مما يجعلها شريكًا مثاليًا في هذا النوع من التجارب.

هل هذا يعني نهاية الدولار؟

ليس بعد. لكن المؤشرات واضحة: الصين تتحرك بسرعة، وتبني تحالفات قوية، وتُحقق نتائج عملية على الأرض. فإذا استمرت في هذا النهج، فقد يشهد العالم مستقبلاً تتحول فيه العملات الرقمية السيادية إلى أدوات رئيسية في التجارة العالمية، ويصبح اليوان الرقمي أحد اللاعبين الكبار على الساحة.

كلمة أخيرة…

مشروع mBridge ليس مجرد تجربة تقنية؛ إنه رسالة سياسية واقتصادية قوية مفادها أن الصين تستعد لعصر ما بعد الدولار. والسؤال الذي يطرح نفسه:
هل العالم مستعد لتغيير قواعد اللعبة؟